ألم تر إذ كنا بالعشي سوية. تصطحبني أنت لفندق جميل أجلس أنا لحافة المسبح وتكون البِركة هادئة ويتدلى قربي غصن من شجر التين وفي داخلي شهية للعوم.
تدفع بي في تجاه أخلع فيه ملابسي كاملة لأشارك النصارنية بلحمها الطري، أشاركها السباحة على ماء فاتر، كانت الشهية لدي عارمة لكنني لم أعم.
وفي نفس الموعد عدنا لليوم الموالي، يقول لي النادل وهو يصطحب معه صينية تحمل فنجان قهوة لك .وأما أنا فيظل بداخلي كوب شاي معطر بالشيبة أشتهيه_قلت لي خذ كوبك وتناوله قبل أن يبرد لأنك تحب الأشياء الساخنة_
يقول لي النادل وهو يتمشى ببذلة بيضاء ويلوح إلي بمفاتحة المكتظة إن الأعجمية الصغيرة تندلق في الماء كالفقمة الطرية وتنقلب بزرقته كما لو كانت تلقي علينا درسا في مبتدإ الحرية_
قهقهت أنت من تشابيه الشعراء واستعاراتهم
أنت أيضا _قلت لي_ وقد جف قعر فنجانك
ها هي تنطلق كالسهم غير آبهة بمقاومة التيار وإذ تنبهني _أنت_ مراقبا إياي ولم أرشف قليلا أو كثيرا من ذلك الكأس فقط ظللت مشدوها_ وهي تنسرب كالشرغوف الأزعر _لاهيا أنظرُ_حتى يعود إلي الشوف مرتعشا وهو حسير_
حتى إذا جاء الغروب
كنت أحسب كل حركة من لونه الغافي يتسرب مع انسياب العائمات وهن في معركة بين الغطس تارة وبين سحل الماء عن أشعرهن التبرية بأكف شفافة_
وحسبت الماء يتدفق على جنبات المسبح من فرط التجديف بأرجلهن المليحة حتى وصلني منه قطر كنزول من سماء_
ولأن المقام الذي يلفنا ظل على شكل صحن فقد تسرب إلي شعاع شارد من خلف غصينات عنب ظلت عناقده ممدودة والظل المفروش بيننا يرتعش برذاذ _
ألم تر إذ كنت تقهقه في وجهي مازحا وترفع صوتك، تضرب يدا بيد
وتصرخ في جنونيك وأنت تقول:
أأموت أنا هكذا جائعا دون أن أتناول فواكهي !!
ألم تر..؟؟